كتب / علي سرحان
باحث ماجستير بجامعة جنوب الوادي
حتشبسوت هي إحدى الملكات المصريات القديمات ، تم تصنيفها في المرتبة الخامسة من سلسلة ملوك الأسرة الثامنة عشر، ويعتبرها المصريون أحد رموز الفراعنة الناجحين، إذ حكمت مصر بعد وفاة زوجها الملك تحتمس الثامن، واشتهرت بأعمالها الخيرية المختلفة، ويوجد الآن تمثال منقوش عليه وجهها ويقع في متحف متروبوليتان، وفي هذا المقال سنتحدث عنها وعن أعمالها بشكلٍ عام.
تميز في عهدها قوة الجيش و البناء والرحلات التي قامت بها، وهى الأبنة الكبرى لفرعون مصر الملك تحوتمس الأول وأمها الملكة أحمس وكان أبوها الملك قد أنجب ابنا غير شرعى هو تحتمس الثانى وقد قبلت الزواج منه على عادة الأسر الملكية ليشاركا معا في الحكم بعد موته ، وذلك حلا لمشكلة وجود وريث شرعى له.
هذه الملكة تركت ألغازا كثيرة وأسرارا وربما يكون أكثر تلك الألغاز إثارة شخصية " سنموت " ذلك المهندس الذى بنى لها معبدها الشهير في الدير البحري والذى منحته 80 لقبا وكان مسئولا عن رعاية ابنتها الوحيدة وقد بلغ من حبه لمليكته أن حفر نفقا بين مقبرتها ومقبرته. وإذا جاءت تلميحات المؤرخين لتشير إلى وجود حالة حب قد جمعت الاثنين سنموت وحتشبسوت فإنهما الملكة وخادمها أيضا قد شاركا في "حياة أسطورية " وانتهى كل منهما نهاية غامضة لا تزال لغزا حتى الأن.
تسلم الحكم لم يكن طريق حتشبسوت سهلاً للوصول إلى الحكم ، فقد واجهت العديد من المشاكل والاضطرابات بسبب نظرة المجتمع الذكورية ، وبدأت تسليم الحكم وهي في عمر العشرين عند وفاة أبيها تحوتمس الأول ، فقد كانت قديماً شريكة أبيها في حكم البلاد ، وقد أرغمها أهل البلاد على الزواج من أخيها غير الشقيق تحوتمس الثاني، حتى يستطيع مشاركتها في الحكم، رغم خبرته القليلة في الإدارة والتنظيم. أصبحت حتشبسوت هي المديرة الأساسية لشؤون البلاد والتي تعطي الأوامر والتعليمات، وبعد فترة قصيرة توفي زوجها، وأصبح تحوتمس الثالث هو من يشاركها في الحكم.
أعمالها :- تعتبر فترة حكم الملكة حتشبسوت هي إحدى الفترات التي اتسمت بالرفاهية، وقوة الجيش، إذ قامت بالعديد من الأعمال الخيرية ونذكر منها: إعادة استعمال القنوات المائية التي تربط ما بين دلتا البحر الأحمر، والنيل. بناء العديد من المنشآت في معبد الكرنك، كما أنشأت معبداً لها في دير البحري الواقع في الأقصر، إنشاء السفن الكبرى ، واستغلالها في نقل المسلات الداخلية لتمجيد الآله آمون، وزيادة الطلب على المواد الترفيهية المتنوعة مثل: العطور، والتوابل، والنباتات، والجلود، والأشجار الاستوائية ، إرسال أسطولٍ ضخمٍ للمحيط الأطلسي، وذلك لاستيراد السمك النادر، تصدير الهدايا والكتان والبرادي إلى الصومال وجنوب اليمن بناء مسلتين كبيرتين مكونة من الجراتين، تمجيداً للإله آمون. [1]
آثارها :-
إقامة معبدها الجنائزى المعروف باسم الدير البحري نقشت عليه قصة الولادة المقدسة ورحلتها الى بلاد بونت حيث استحضرت من بلاد بنت مثل العاج والأبنوس والأخشاب الأخرى وجلود الفهد والذهب والبخور والقردة الحية والنسانيس .[2]
مقبرة حتشبسوت : كان غرض الملكة دفنها تحت محراب معبدها ففى مقبرتها في وادى الملوك كان طول النفق الذى يؤدى الى حجرة الدفن حوالى سبعمائة قدم وعمقه عموديا يبلغ ثلاثمائة قدم كما نقلت مومياءتحتمس الاول والدها الى قبرها ودفنتها ثانية بجوارها . أقامت مسلتين لإحتفالا بعيدها الاول الثلاثينى وتذكارا لوالدها تحتمس الأول والإله آمون ثم أقامت مسلتين أخرين في معبد الكرنك .[3]
لغز الملكة حتشبسوت
صمم لها المهندس ” سنموت “،المبنى الرئيسي في المعبد الجنائزي والمسمى “دجسرو” في الدير البحري، وقد منحته ثمانون لقبا وكان مسؤولا عن رعاية ابنتها، وقد أشار المؤرخين خلال تتبع تاريخها وطريقة عيشها إلى وجود علاقة بين حتشبسوت ومهندسها وخادمها الخاص سنموت، وأستدل على هذا من تمديد سنموت ممر يصل قبرها بقبره.
فرعون بنـًاء
قامت حتشبسوت بإعادة بناء المعابد التي تركت شبه مهملة منذ عصر الهكسوس مثل معبد إسطبل عنتر ، وأعادت لها أوجه نشاطها ، وبالرغم من ذلك فهي لم تهمل أبدا مدينة طيبة مقر الأسرة: فمعبد الإله مونتو ، والطريق الخاص بالمواكب بين معبدي الأقصر والكرنك كانا موضع اهتمامانا. وبالإضافة إلى ذلك فمن بين ما شيدته في معبد الكرنك هيكل للمركب المقدسة (يسمى "بالمقصود الحمراء")، كما نصبت زوجين من المسلات (وقد صورت عملية نقل الزوج الأول من المسلات على جدران معبدها الجنائزي بالدير البحري) كانت المواد اللازمة للبناء ولتشغيل المعابد متوافرة بفضل استغلال المحاجر والمناجم بشكل كثيف، وبفضل العلاقات التجارية الطيبة مع المراكز الأجنبية، خاصة بلاد بونت ) وتوضح نصوص ونقوش بعض اللوحات الشهيرة المنحوتة على جدران معبد الدير البحري تفاصيل إحدى هذه الحملات إلى تلك البلاد.[4]
حكم الملكة حتشبسوت
المرأة في مصر الفرعونية لم يكن لها حق شرعي إلهي لكي تتولي الحكم، بل كان هذا الحق مقصورا فقط على الرجال، وفي الوقت نفسه لم يكن من حق الرجل أن يحكم إطلاقا بدون المرأة ، حيث أن الملكة “حتشبسوت” كانت واحدة من قليلات من السيدات في العالم القديم ممن وصلن إلى قمة الإدارة في بلادهن ولقد بذلت كل الجهد لتقنع الرجل في عهدها بأن يقبلها كامرأة تحكمه، وسواء أقنعت “حتشبسوت” الرجال في مصر في ذلك الوقت بحكمها أم لم تقنعهم فإن ما فعلته كان أعظم بكثير مما فعله بعض الملوك الرجال.
قصة اكتشاف الملكة حتشبسوت
تم اكتشاف مقبرة الملكة “حتشبسوت ” في الجانب الشرقي من وادي الملوك في مدينة الأقصر ، على يد عالم الآثار البريطاني والمتخصص في تاريخ مصر القديمة هيوارد كارتر، حيث بدا البحث وعثر على مقبرة حتشبسوت فارغة عام 1903م حيث أن هذه المقبرة يصل طولها إلى حوالي 219 مترا وتنزل بانحدار شديد داخل صخر الجبل المنحوتة به، ويمثل النزول إلى هذه المقبرة خطورة كبيرة ومصاعب جمة يتكبدها كل من يغامر بزيارة هذه المقبرة الفريدة في تصميمها وأنفاقها الخطيرة، والمقبرة(20) تعد نموذجا فريدا بين مقابر وادي الملوك جميعها بسبب تصميمها الفريد وممراتها الدائرية لمسافة 210 أمتار تقريبا في أتجاه عقارب الساعة، ولكن لم تكون موجودة في المقبرة (20) بل كانت موجودة في مقبرة المرضعة.
عثر هيوارد كارتر عام 1903م على المقبرة رقم (20) التي كانت تخص الملكة حتشبسوت، حيث أن هذه المقبرة يصل طولها إلى حوالي 219 مترا وتنزل بانحدار شديد داخل صخر الجبل المنحوتة به، ويمثل النزول إلى هذه المقبرة خطورة كبيرة ومصاعب جمة يتكبدها كل من يغامر بزيارة هذه المقبرة الفريدة في تصميمها وأنفاقها الخطيرة، حيث وجد كارتر عند دخولها على تابوت حجري خاص بالملكة والذي محفور عليها اسمها، والذي يوجد الأن ومحفوظ في المتحف المصري ، ولكن التابوت كان فارغا وكانت هذه هي البداية المنطقية للبحث، ولكنها لم تؤدى للوصول إلى المومياء المطلوبة، وبذلك كان على كارتر أن يفتش عنها في مكان أخر وبالفعل ذهب إلى مقبرة أخرى، حيث تمت بصلة لتلك الملكة وهي مقبرة المرضعة، فبحث كارتر في المقبرة رقم(60) التي تخص المرضعة، وكانت تقع أسفل مقبرة الملكة مباشرة، وكان قد عثر عليها هيوارد كارتر في عام 1907م، حيث وجد بداخلها موماتين.
- الأولى كانت موضوعة في تابوت خشبي نقش عليه أخر حرفين من اسم المرضعة وقد نقل كارتر تلك المومياء في وقتها إلى المتحف المصري، والثانية كانت ملقاه على الأرض بجوار الأولى وبدون تابوت.
- الثانية تم نقلها للمتحف المصري عند بداية البحث عن مومياء الملكة، حيث أن المومياء التي كانت في التابوت كانت محنطه على الطراز الملكي مما جعل الباحثون وقتها يعتقدون أنها تخص الملكة.
ولاحظ الباحثون أن المومياء داخل التابوت كانت أقصر من طول التابوت ، مما جعلهم يعتقدون أن المومياء تخص الملكة وليس المرضعة ولكن التكهن أن الملكة داخل التابوت يلزمه دليل وتتوالى الأبحاث بواسطة أحدث أجهزة الأشعة المقطعية وتحاليل الحمض النووي ولكن كلها لم تؤكد من تكون الملكة، ولكن أخيرا تم اكتشاف مومياء الملكة حتشبسوت عند فحص الموماتين.
وتبين أن المومياء التي كانت ملقاة على ارض المقبرة بدون تابوت هي التي ينقصها ذلك الضرس الذي عثر عليه داخل الصندوق وهذا يؤكد أنها مومياء الملكة حتشبسوت، حيث عثر عليه في خبيئة المومياوات الموجودة بالدير البحري بالقرب من وادى الملوك واكتشف في عام 1881 ومنقوش عليه اسم الملكة حتشبسوت.
قصة حب حتشبسوت وسنموت :
مثلت نفسها في ملابس الفرعون، ونراها في هيئة شاب يافع يلبس التاج الأزرق المنتفخ فوق الجبهة ، وفوق صدرها عقد الملك ذي السبع بردورات أو الستة صفوف، فى خصرها المئزر يغطى ساقيها حتى فوق الركبة، تركع بين يدى آمون رع.
وفي صورة أخرى تظهر بلحيتها المستعارة كعادة الملوك الفراعنة وهي في جميع صورها تُمثل مفلطحة الصدر، وقد رفعت تاء التأنيث من اسمها فهي ملك مصر لا ملكتها وهي حتشبسو وليست حتشبسوت ، كان المهندس “سنموت” المستشار الأول للملكة في كل الأمور.. وتمثلت عبقريته في جميع الوظائف الرفيعة التي كان يشغلها، فقد كان مديرًا للحقول والمخازن الملكية.
عشرين سنه من الحكم كرجل و بعد بناء المعبد و المقبرة تأتى المفاجأة .. قوية و مدوية تختفى حتشبسوت يظن المؤرخون ان تحتمس الثالث الذى كان حبيسا طوال العشرين عاما هو المتسبب و لكن انا لا اظن فكيف يستطيع ان يفعل ذلك و لماذا لم يستطع طوال العشرون عاما خاصة و ان الجميع كان مستفيدا من وجود حتشبسوت فمصر فى حالة اقتصادية هائلة و الكهنة يعيشون ازهى عصورهم
هل ان الحب هو من وراء الاختفاء ... فبعد عشرين سنة من الحياة كرجل قد تكون قررت ترك العرش من أجل حبيبها (سننموت ) و تهرب معه و يختفيا للأبد و كقصة حب لم تعرف مثيل
لو كنت مهتما بالحضارة الفرعونية لعلمت ان حتشبسوت كانت اقوى من عشرات الرجال اللذين حكموا مصرو ستعلم ايضا ان كل رجال الدولة و كهنتها كانوا يخافونها و يستيفدون من وجودها و انه من الصعب ان نجح تحتمس السجين من التامر عليها و لو كنت مهتما بسيكولوجية المرأه لعلمت ان المرأة التى تنكرت لأنوثتها عندما يأتيها فارس أحلامها الذى يستطيع ان يكشف عن جمالها المختفى قد تترك كل شىء من اجله حتى لو كان عرش مصر و حتى لو كان لقب ابنة الاله الاعظم .. فلو تحرك قلبها لقلب الموازين
و هذا هو جمال المرأه.
1] Donald B. Redford, History and Chronology of the 18th dynasty of Egypt: Seven studies, Toronto: University Press, 1967.
[2] Evelyn Wells, Hatshepsut, Double Day, 1969, hardback, 211 pages, Library of Congress .
[3] Joyce Tyldesley, Hatchepsut: The Female Pharaoh, Penguin Books, 1998, paperback, 270 pages, ISBN 0-14-024464-6
[4] Welford, John Noble (2007-06-27). "Tooth May Have Solved Mummy Mystery". New York Times. Retrieved.2007.P.6:28.