كتب د. محمود عبد الوهاب مدني السيد
مدير عام الشئون الأثرية لمناطق الآثار الإسلامية والقبطية بمصر العليا
الموقع :
يقع جامع شيخ العرب همام في الربع الشمالي الغربي من مدينة فرشوط ، وقد بناه شيخ العرب همام بن يوسف بن أحمد بن محمد بن همام بن صبيح بن سبيه الهواري سنة ألف ومائة وواحد وسبعين كما هو مثبت بالعتب الخشبي الذي يعلو مدخل الواجهة الشمالية ،ولقد بني جامع شيخ العرب همام بالآجر من الداخل والخارج على السواء كما استعمل الاجر والطوب المنجور في تنفيذ زخارف كتلة المداخل الرئيسية للواجهات الشمالية والشرقية وكذلك زخارف عقد وكوشتي طاقية المحراب الرئيسي والإطار الذي يعلوه وعقود المحاريب الجانبية .
المنشئ :
هو شيخ العرب همام والذى ولد فى مدينة فرشوط قبل عام 1109هـ حيث كان فى هذا الوقت شاباً قاصراً عن درجة البلوغ كما هو مذكور بوثيقة عن نسب الهواره صادرة من محكمة القصير ومحفوظة بدار الوثائق القومية ،ولقد نشأ الشيخ همام فى بيت ورث الثراء والمكانة أباً عن جد ، فقد كان همام ابناً للشيخ يوسف احمد همام الذى آلت اليه زعامة قبائل الهوارة فى أواخر القرن الحادى عشر الهجرى السابع عشر الميلادى لأنه أكبر أخواته سناً وأبرزهم مكانة ، وكذلك كان الحال بالنسبة لهمام فقد كان اكبر ابناء الشيخ يوسف فآلت اليه زعامة قبائل الهوارة والتزامات واسعة شملت معظم أراضى الصعيد من المنيا وحتى اسوان
وقد تغير الحال بعد اعتلاء على بك الكبير شيخ البلد بمصر الحكم ، حيث دارت الحرب بين على بك الكبير وصالح بك صديق شيخ العرب همام وحليفة وهو ما أدى به الى اللجوء اليه فى فرشوط بعد هزيمته ثم دارت الحرب بين على بك الكبير و همام بن يوسف واستطاع محمد بك أبو الدهب أن يستميل إسماعيل بن عبد الله ابن عم همام وقائد جيوشه وجعله يتقاعس عن القتال واعداً إياه بزعامة قبائل الهوارة بعد همام ولما علم همام ما كان من خيانة أبن عمه وهزيمة جنده أضطر إلى التقهقر وخرج من مسقط رأسه وعاصمة نفوزه ومجده مدينة فرشوط ومات مكموداً مقهوراً فى قرية قمولاً فى يوم 8 شعبان 1183هـ الموافق أول نوفمبر 1769م حيث دفن فى نجع الجامع بقرية قمولا التابعة لنقادة فى مقابل مدينة قوص فى مقام واحد مع الشيخ محمد الجالس بجوار الشيخ العزب .
وبعد خروج همام من مدينة فرشوط دخلها محمد بك أبو الدهب ورجاله ونهب ما كان بها من أموال وأخذ ما كان بديار همام وقصوره وديار أقاربه وأتباعه من ذخائر وغير ذلك من غنائم .
وقد أنجب شيخ العرب همام ثلاثة أولاد وهم درويش وشاهين وعبد الكريم وابنتان أسمهما شريفة وفاطمة وكلهم من زوجة واحدة أسمها صالحة ، أما درويش فقد تولى مشيخة الهوارة بعد شفاعة محمد بك ابو الدهب له عند مراد بك ورجع الى فرشوط وتولى التزامها ولكنه لم يحسن أدارتها وانتهى أمره بالفشل ، وأما شاهين وعبد الكريم فقد اشتغلا بالزراعة حتى قتل شاهين على يد مراد بك سنة 1214هـ / 1799م لامور نقمها منه أيام الحملة الفرنسية ، ومات عبد الكريم قريباً من هذا التاريخ ، وتولت زوجة شيح العرب همام ( صالحة ) وأبنته ( شريفة ) التزام أراضى قليلة من الالتزامات التى كانت للأمير همام وتزوجت فاطمة من عثمان أغا أبن عم همام ووكيل أعماله فى القاهرة .
مدينة فرشوط :
فرشوط مدينة قديمة على مسيرة ساعة من النيل بشاطئه الغربى وقد وردت فى جغرافية أميلينو بأسم فرجوط وفى السينكسار بأسم فرجود وفى دفاتر الروزنامه القديمة وتاريخ سنة 1231هـ بأسمها الحالى فرشوط وذكرها على مبارك بأنها بلده عامره بها الخيرات الكثيرة وأبنيتها من الاجر بعضها يحتوى على ثلاث طبقات وبها قيساريتان بدكاكين وقهاو وخمارات وأربع وكائل ومعملان للدجاج وبها عصارات لعمل السكر.
ولقد كانت مدينة فرشوط عاصمة الاقليم كله من جنوب أسيوط وحتى اسنا ما لا يقل عن أربع سنوات ( 1765 – 1769هـ ) حينما أسس شيخ العرب همام بن يوسف دولته فى صعيد مصر وأستطاع أن يحكم الصعيد من أسيوط وحتى اسنا ، وأقام دولة عرفت فى التاريخ بأسم دولة شيخ العرب همام كانت عاصمتها مدينة فرشوط ، ولقد نهبت مدينة فرشوط وخربت همام على أثر هزيمته امام محمد بك أبو الدهب بسبب خيانة ابن عمه وقائد جيوشه شيح العرب اسماعيل بن عبد الله ، وبمدينة فرشوط مجموعة كبيرة من أولياء الله الصالحين ، وأضرحتهم منتشرة فى كل مناحى فرشوط وأسمائهم – رضى الله عنهم – توحى بأنهم كانوا يتمتعون بمكانة سامية ومنزلة عالية ومنهم على سبيل المثال ( الشيخ عبد المغيث والمجاهد والمغازى والمقلد وشيح العرب يحيى ودغرى بيه
تعريف المزاول :
المزاول هى الساعات الشمسية وقد أخذت اسمها من الزوال أو خط الزوال التى تتحول عنده الشمس من المشرق إلى المغرب ولكن تسمية الساعات الشمسية أشمل وأعم حيث تضم كل أنواع الساعات مثل الوسائط والقائمات والمنحرفات .
لقد كشف لنا علماء الآثار عن أقدم ساعة فى التاريخ فى منطقة النبطة التى تقع إلى الغرب من ابوسمبل بحوالى 100كم وهى عبارة عن دائرة محددة بأحجار يصل قطرها إلى 4م ويوجد بها ستة أحجار مقامة راسيا ومرتبة فى خطين يمتدان شرقا وغربا ، واعتبر العلماء أن هذه الساعة هى الساعة الحجرية الأولى فى التاريخ حيث يتم معرفة الوقت بها عن طريق سقوط ظل الأحجار وسط الدائرة على أحجار محيطها ، كما عرف المسلمون الساعات الرملية ، وعرفوا بعض الآلات التى يمكن عن طريقها معرفة الزمن وتحديد الأطوال والأعماق مثل الإسطرلاب .
مزاول العصر العثمانى
امتد العصر العثمانى لأكثر من ثلاثة قرون انتشر فيها استخدام الساعات الشمسية وتطورت خلال هذا العصر تطورا هاما من الناحيتين الفنية والفلكية معا وقد بلغ عدد الساعات الباقية من هذا العصر 22 ساعة ينتمى ثلاث منها إلى القرن 10هـ /16 م وثلاث إلى القرن 11 هـ/17 م و 16 إلى القرن 12 هـ /18 م وتتميز ساعات القرنين 11/12هـ بعدم كتابة التاريخ عليها حيث يؤرخ لها بعام بناء المنشآت التى توجد بها ، وقد استخدم فيها عادة الرخام أو الحجر الجيرى المصقول وكثرت خطوطها الموضحة لأنصاف الساعات وأثلاثها ، ويلفت النظر فيها استخدام ساعتين للمسجد الواحد احدهما لساعات ما قبل الزوال وما بعده والثانية للوقت الباقى للعصر فى حين تدل كثرة عدد الساعات التى ترجع إلى القرن 12هـ /18 م إلى شيوع استخدامها وأهميتها فى تحديد الأوقات والساعات وتحديد أوقات الصلوات الخمس طوال العام .
وكانت المساجد من أهم الأماكن التى توجد بها المزاول حيث يزاول بها الميقاتيون عملهم وهم عادة من لهم دراية بعلم الفلك والميقات ، كما ارتبطت أحيانا وظيفة المؤذن بمعرفة علم الميقات مثلما فعل قانيباى الرماح حيث أشترط أن يكون بمسجده مؤذن على علم بالميقات والفلك ، وأحيانا كانت بأسطح المساجد بعض الحجرات التى تخصص لسكنى الميقاتيون وأسرهم .
طريقة عمل المزاول :
تقوم طريقة عمل المزاول على أساس أن الشكل الدائرى يساوى 360 درجة والأرض دائرية الشكل محيطها يمثل 360درجة وقد طبق صانع المزولة هذه الفكرة العلمية فنجده قد اعتبر أن سطح المزولة يمثل نصف الكرة الأرضية حيث قسم سطح المزاولة إلى 180 ْ درجة يمر عليها ظل أشعة الشمس خلال 12 ساعة بواقع 4 دقائق لكل درجة على أن يوضع العمود الذى يحدث الظل الذى يبين لنا الوقت عند الدرجة صفر التى تمثل الساعة الثانية عشر ظهرا حيث لا يكون هناك ظل بسبب ارتفاع الشمس فوق الرؤوس فى أقصى ارتفاع لها عند خط الزوال .
وعند شروق الشمس يسقط ظل العمود على الطرف الغربى لخط الاتجاه المار من الشرق إلى الغرب على سطح المزولة وينتقل هذا الظل ناحية الشرق بواقع درجة لكل 4 دقائق ، حتى يصل الظل إلى النقطة صفر التى تمثل خط الزوال اى الساعة 12 ظهرا وبعد ذلك ينتقل الظل إلى جهة الشرق نتيجة لانتقال الشمس جهة الغرب بواقع درجة لكل 4 دقائق إلى أن يتم الغروب فى تمام الساعة السادسة مساءا .
ولتشغيل المزولة بعد نقشها يتم تركيبها على السطح الرأس لجدار ما فى مكان مكشوف على أن يراعى أن تواجه المزولة خط الشمال والجنوب اى خط الزوال وان يكون السطح المنقوش للمزولة مواجها للجنوب ويراعى أيضا التأكد من صحة قيام الحائط المركبة عليه المزولة ، وكثيرا ما يثبت بالمسجد مزولتين إحداهما لمعرفة الأوقات فى فصلى الخريف والربيع والأخرى لمعرفة الأوقات فى فصلى الشتاء والصيف وذلك لان فى مصر تتحرك الشمس فى فصلى الشتاء والصيف فى الشروق والغروب قليلا نحو مدار السرطان فى الصيف ونحو مدار الجدى فى الشتاء .
وفيما جدول يوضح الحروف الفلكية بحساب الجمل على الساعات ودرجاتها ومقدار
ذلك بالساعات والدقائق ووقت ذلك على الساعات لما قبل الزوال وما بعده .
الحروف |
الدرجات |
المقدار بالساعات والدقائق |
وقتها قبل الزوال |
وقتها بعد الزوال |
|||
دقيقة |
ساعة |
دقيقة |
ساعة |
دقيقة |
ساعة |
||
هـ |
5 |
20 |
- |
40 |
11 |
20 |
12 |
ى |
10 |
40 |
- |
20 |
11 |
40 |
12 |
يه |
15 |
- |
1 |
- |
11 |
- |
1 |
ك |
20 |
20 |
1 |
40 |
10 |
20 |
1 |
كه |
25 |
40 |
1 |
20 |
10 |
40 |
1 |
ل |
30 |
- |
2 |
- |
10 |
- |
2 |
له |
35 |
20 |
2 |
40 |
9 |
20 |
2 |
م |
40 |
40 |
2 |
20 |
9 |
40 |
2 |
مه |
45 |
- |
3 |
- |
9 |
- |
3 |
ن |
50 |
20 |
3 |
40 |
8 |
20 |
3 |
نه |
55 |
40 |
3 |
20 |
8 |
40 |
3 |
س |
60 |
- |
4 |
- |
8 |
- |
4 |
سه |
65 |
20 |
4 |
40 |
7 |
20 |
4 |
ع |
70 |
40 |
4 |
20 |
7 |
40 |
4 |
عه |
75 |
- |
5 |
- |
7 |
- |
5 |
ف |
80 |
20 |
5 |
40 |
6 |
20 |
5 |
فه |
85 |
40 |
5 |
20 |
6 |
40 |
5 |
ص |
90 |
- |
6 |
- |
6 |
- |
6 |
صه |
95 |
20 |
6 |
40 |
5 |
20 |
6 |
ق |
100 |
40 |
6 |
20 |
5 |
40 |
6 |
قل |
104 |
56 |
6 |
56 |
5 |
56 |
6 |
قه |
105 |
- |
7 |
- |
5 |
- |
7 |
المصادر والمراجع :
- الجبرتى عبد الرحمن بن حسن بن برهان الدين الحنفى (ت1240هـ / 1825م)
عجائب الآثار فى التراجم والاخبار ، بيروت ، دار الجيل ، الجزء الثالث
- د. جمال عبد الرءوف عبد العزيز : مساجد مصر العليا الباقية من الفتح العربي حتى نهاية العصر العثمانى . دراسة أثرية معمارية ، رسالة ماجستير . كلية الآثار جامعة القاهرة 1985م .
- د. جمال عبدالعاطى : الساعات الشمسية فى مصر الإسلامية ، دراسة أثرية معمارية ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، جامعة طنطا 1995م .
- د. سامي محمد نوار : المزولة العثمانية فى مصر ، مجلة كلية الاداب بسوهاج ، سنة 14م ص ص 185 -219 .
- د. سعاد ماهر محمد : (أ) محافظات الجمهورية العربية المتحدة وآثارها الباقية في العصر الإسلامي ، طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1966م .
(ب) مساجد مصر وأولياؤها الصالحين ، 5 مجلدات القاهرة ، طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1976م
- د. صلاح احمد هريدى : دور الصعيد فى مصر العثمانية ( 923 – 1213هـ) ( 1517 – 1798م ) دار المعارف بمصر، طبعة 1984م
- على مبارك : الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة
والشهيرة ، مطبعة بولاق ، القاهرة ، الطبعة الثانية 1305هـ / 1990م
- د. ليلى عبد اللطيف : الصعيد فى عهد شيخ العرب همام ، الهيئة المصرية
العامة للكتاب بالقاهرة 1987م .
- محمد رمزى : القاموس الجغرافى للبلاد المصرية من عهد قدماء المصريين
الى سنة 1945م ، القسم الثانوى – البلاد الحالية ، الجزء الرابع ( مدريات
أسيوط وجرجا وقنا وأسوان ومصلحة الحدود ) مطابع الهيئة المصرية العامة
للكتاب سنة 1994م .
- د. محمد عبدالستار عثمان : النظرية الوظيفية بالعمائر الدينية المملوكيه الباقية بمدينة القاهرة ، دار الوفا لدنيا الطباعه والنشر ، طبعة عام 2000م .
- محمود عبد الوهاب مدنى : (أ) الزخارف الاجرية على العمائر الاسلامية بمحافظة قنا فى العصر العثمانى ، مطبعة الحرمين بنجع حمادى ، الطبعة الاولى 1422هـ - 2001
(ب) قلعة الأمير همام بن يوسف بالعركى – محافظة قنا ، دراسة اثاريه تسجيلية مطبعة الحرمين بنجع حمادى ،الطبعة الأولى 1430هـ ، 2010م .
- د. نسيم مقار : اضواء على تاريخ الهواره فى صعيد مصر ، المجله التاريخية المصرية ، المجلد السادس والعشرون ، 1979م.