بقلم عادل سيف
كاتب صحفى
لا تندهش من المفارقة عندما تعلم ان الجزء المطل من محطة البنزين الموجودة بشارع عدلي والتي لها امتداد يطل على شارع عبد الخالق ثروت يرجع الفضل في وجودها الى حريق هائل تسبب في ازالة المبنى المقامة حاليا على ارضه، كما قضى هذا الحريق وإلى الابد على رمزية المبنى.
كان المبنى المحترق يتكون من قصر ابيض انيق من دورين، ويتضمن كل ما يوفر جو مريح لكل من يدخل المبني الحامل لمسمى بالإنجليزية هو "ترف كلوب " اي "نادي العشب".
يرجع مسمى النادي الى نادي انجليزي عريق بدأ نشاطه في بريطانيا بالربع الاول من القرن التاسع عشر، وفي مصر مارس نشاطه في فترة الاحتلال البريطاني لها وابتدأه في المبنى المجاور للمعبد اليهودي بشارع عدلي كان مقرا للسفارة البريطانية ومقرا لإقامة لورد كرومر الحاكم العسكري البريطاني لمصر قبل انتقالها الى مبناها الحالي في جاردن سيتي، وبعد فترة انتقل الى الجانب الاخر من الشارع وتحيدا قبل انتهاء الشارع مع شارع طلعت حرب وتحديدا مكان محطة البنزين الحالية هناك.
واعتبر مع "نادي الخديوي" - نادي الجزيرة الرياضي فيما بعد - ارقى ناديين في مصر يضمان اعضاء من صفوة الارستقراط الانجليز فقط، وظل نادي العشب لا يقبل عضوية مصريين خلافا لنادي الجزيرة الذي سمح بعضويتهم فيما بعد.
هذه الرمزية المفرطة في انجليزية النادي جعلته محل كراهية بالنسبة للمصريين باعتباره رمز استعماري بامتياز لمحتل بلدهم غير المرحب به وبشكل خاص وقوي لدى التيارات السياسية التى رفعت شعار مقاومة الاحتلال.
وكانت هذه الكراهية وراء استهداف المبنى والتعامل معه بمنتهى القسوة في حريق القاهرة يوم 26 يناير 1952 من قبل من كان وراء تدبير الحريق.
بحسب الرواية البريطانية لحريق المبنى والتي ربما لا تخلوا من المبالغة، كان الحادث دمويا وليس مجرد حريقا فقط، إذ حطم المهاجمون كل شئ وأشعلوا النار في الاثاث وقتلوا 40 من اعضائه المتواجدين فيه.
وذكرت رواية اخرى، ان بعض ممن كانوا فيه فروا ومكنهم عدد من المصريين من الاختباء في مبنى مجاور.
ظهر اسم النادي في العديد في احدى القصص من "مجموعة 11 قصة ممتازة" للكاتب الانجليزي الجرنون بلاك وود (1869 – 1951) اذ ان بطل القصة عندما وصل الى القاهرة جعل عنوانه المؤقت على نادي العشب بالقاهرة.
كما ورد اسمه ضمن احداث قصة الجاسوس الالماني ابلر الذي تواجد في مصر اثناء الحرب العالمية الثانية واخفته الراقصة حكمت فهمي في عواماتها واصلح له الضابط انور السادات جهاز اللاسلكي، حيث كان ابلر يتردد على النادي في زي ضابط انجليزي وتشكك فيه بارمان بالنادي وابلغ عنه الامن الميداني الانجليزي بسبب ان ابلر كان يدفع ثمن مشروباته بالجنيهات الاسترلينية بينما كل الضباط يدفعون بالجنيه المصري وهو العملة التي تصرف بها رواتبهم في مصر.