بقلم دكتور / محمد عطية محمد هواش
مدرس بقسم الترميم – كلية الآثار – جامعة القاهرة
باحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص
عناصر المقال
- مقدمة
- الوضع القانوني للاثار المعروضة للبيع في الخارج
- اهم ملامح دور الجانب المصري تجاه الاثار المعروضة بالخارج
مقدمة
تجارة السلع الثقافية وعلي رأسها الاثار تعتبر من انواع التجارة الرائجة علي المستوي الدولي والتي تمثل حجما اقتصاديا كبيرا ومصدر للثروة للعديد من الدول التي تكثر بها صالات عرض وبيع الاثار وكثيرا ما نجد اثارنا المصرية معروضة للبيع في دور البيع تلك او معروضة علي المواقع الالكترونية لتلك الدور ويقف الجانب المصري في غالب الاحيان حائرا يريد وقف عملية البيع التي تتم علي التراث المصري وهنا يبرز تساؤل هل وقف عملية البيع يعتبر نوع من انواع الحماية للاثار المصرية , اعتقد انه لا يمثل اي شكل من اشكال الحماية لانه بكل بساطة سيظل الاثر المصري مع حائزه سواء كان حائزا شرعيا او غير شرعي وبالتالي عمليات وقف البيع في ذاتها لا تمثل خطوة ايجابية في سبيل الحفاظ علي الاثار المعروضة للبيع علي المستوي الدولي , وهنا يجب ان ننظر الي دور الجانب المصري تجاه الاثار المعروضة للبيع بالخارج بشكل اكثر عمقا وتفنيدا لمثل تلك الحالات حتي يتسني الخروج بموقف يكون اكثر ايجابية ويعتبر خطوة حقيقية علي طريق الحفاظ علي التراث المصري .
الوضع القانوني للاثار المعروضة للبيع في الخارج
قبل تعالي صيحات وقف البيع واسترداد اثارنا المعروضة بالخارج يجب الوقوف علي قانونية وشرعية خروج تلك الاثار لان تاريخيا لم تمنع تجارة الاثار قانونا الا بعد سنة 1983 بصدور قانون حماية الاثار 117 لسنة 1983 وبالتالي فان احتمالية وجود الاثار محل العرض للبيع في تلك الدور المعنية بالبيع ربما يكن مشروعا بنسبة كبيرة ولا تستطيع مصر القيام بأي اجراء لوقف البيع او الاسترداد لان مصر في تلك الحالة لاصفة لها من الاساس وهنا يجب التنويه ان الوضع القانوني لتلك الاثار المعروضة لا يخرج عن الحالات الاتية :
- ان تكون اثار مسروقة من متاحف او مخازن او مجموعات خاصة وهذه النوعية مسجلة وحمايتها من خلال تطبيق اتفاقية اليونسكو 1970 واتفاقية اليندورا 1995 امر مفروغ منه . لاعتبارها خرجت بطريق غير مشروعة
- ان تكون المقتنيات الثقافية ناتج الحفر والتنقيب خلسة وهذه النوعية غير مسجلة هنا لا تخضع للحماية لكن يجب اعمال نص المادة الرابعة (اتفاقية اليونسكو 1970 ) التي تناولت ان أي ممتلكات يعثر عليها داخل اراضي الدولة تعتبر من تراث الدولة الثقافي وهنا يجب التنويه الي انه في حالة المطالبة باسترداد مقتنيات ثقافية غير مسجلة يجب ان يفسر نص مثل نص المادة الرابعة من الاتفاقية التي تتناول انواع التراث الثقافي والتي من بينها اي ممتلكات يعثر عليها داخل اراضي الدولة يجب تفسير النص لصالح الدولة صاحبة التراث الثقافي وذلك باعتبارها صاحبة حق في هذا التراث وان كان غير مسجلا .
- ان تكون المقتنيات من قوائم الحيازة قبل قانون حماية الاثار الحالي لسنة 1983 وهنا تم تهريبها وهي مسجلة بالفعل ومن الممكن استرجاعها
- ان تكون الاثار خرجت من مصر عن طريق البيع الذي كان معمولا به في القانون 215 لسنة 1951 وهنا مصر لا صفة قانونية لها علي الاطلاق
- ان تكون الاثار خرجت من مصر عن طريق الاهداء وهنا مصر لا صفة قانونية لها علي الاطلاق
- ان تكون الاثار خرجت من مصر طبقا لما كان عليه الاتفاق بين الجانب المصري وبعثات الحفائر الاجنبية والتي كانت تاخذ نسبة من الاثار المستخرجة وذلك قبل قانون حماية الاثار 117 لسنة 1983 وهنا مصر لا صفة قانونية لها علي الاطلاق
ومما سبق عرضه يتبين انه توجد بعض الحالات التي تنعدم فيها الصفة للدولة المصرية ومعني ذلك انه في حالة الخروج الشرعي لتك الاثار اصبحت مصر غير مالكة لها وليس لها اي حق عيني علي تلك الاثار وتعتبر مصر بالمفهوم القانوني في تلك الحالة من الغير الممنوع عليهم التعرض للاثار التي خرجت بشكل مشروع مثل البيع او الاهداء او كنسبة متفق عليها مع البعثات الاجنبية التي قامت بالحفائر .
اهم ملامح دور الجانب المصري تجاه الاثار المعروضة بالخارج
اولا : في حالة ان تلك الاثار خرجت من مصر بطريق غير مشروعة
في مثل تلك الحالة سيتم الرجوع لتطبيق اتفاقية اليونسكو 1970 واتفاقية اليندورا 1995 التي تنظم دعوي استرداد الاثار التي خرجت بطرق غير مشروعة ( انظر المقالات السابقة عن هاتان الاتفاقيتان) وهنا ياتي دور الجانب المصري في عمل دراسة اثارية تاريخية لتلك الاثار وتوصيفها وابلاغ الانتربول بها اضافة الي حرص الجانب المصري لعقد الاتفاقيات الثنائية مع العديد من الدول خاصة التي تنتشر بها تجارة الاثار .
ثانيا : في حالة ان تلك الاثار خرجت من مصر بطريق مشروعةكما سبق بيانه
هنا يجب ان يكون دور الجانب المصري منصبا علي تسجيل وعمل قاعدة بيانات لمثل تلك الاثار يكن اهم مفردات التسجيل بها :
- تاريخ الخروج من مصر
- السبب القانوني لخروجها هل بيع ام اهداء ,,,, الخ
- توصيف القطع توصيفا علميا
- يجب تسجيل وتتبع القطع الاثرية من حيث انتقالها من مالك لاخر ويجب تحديث هذا البيان باستمرار
وهنا يجب التركيذ علي الفريق المنوط به عمل قاعدة البيانات بحيث يكون المسئول عن الجوانب الفنية من العاملين بوزارة السياحة والاثار اما الجوانب القانونية والدولية يجب ان يقوم بها الملحق الثقافي لمصر بالبلد التي تتواجد بها تلك الاثار وهذا الدور له من عظيم الاهمية لان يعتبر اخطارا لتك الدول بوجود هذا التسجيل والذي بدوره يؤكد علي شرعية وجود تلك الاثار علي ارض تلك الدولة .
ودور الملحق الثقافي هنا يستند الي مواد الدستور المصري المعنية بالحفاظ علي الارث الثقافي الذي يشكل مقوم من مقومات الشخصية المصرية .
واهم مهام الملحق الثقافي :
الجانب الدراسي :
- مساعدة الطلبة والباحثين.
- متابعة سير الطالب في دراسته ومطالبة الجامعة أو المعهد بإرسال تقرير عن تحصيله في نهاية كل فصل و السعي للحصول على منح دراسية للطلبة
الجانب العلمي :
- يشكل الملحق الثقافي حلقة وصل بين الجامعات المصرية ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي ونظيراتها في الدولة المضيفة
الجانب الثقافي :
- متابعة ما ينشر في وسائل الإعلام مما يهم الدولة المصرية من الناحية العلمية والثقافية وإبداء الرأي حيالها
- معرفة الجوانب الحضارية والثقافية التي تكون محل اهتمام مشترك بين البلدين ومن اهم تلك الجوانب الاثار المصرية في تلك الدولة
- الاطلاع على تراث البلد المضيف والتعريف به للجهات المناظرة له بمصر وهذه المهمة ينبني عليها وجود الملحق الثقافي ضمن مجموعة عمل انشاء قاعدة البيانات سالفة الذكر
- تزويد الوزارة بالمواضيع والمقترحات التي ترى تضمينها للمناقشة مع الدولة المضيفة من خلال اللجان المشتركة أو عند طلب عقد اتفاقيات في المجالات الثقافية والتعليمي
وخلاصة القول فان وجود الملحق الثقافي ضمن فريق عمل قاعدة البيانات يعطي الصفة الرسمية لهذا العمل علي المستوي الدولي وخاطبة الدولة المضيفة بتلك القاعدة البياناتية لها بعض المردود مثل
التاكيد علي متابعة اثارنا في الخارج حتي التي خرجت بطريق مشروع
ادماجها في الحياه الثقافية المصرية باستعارتها للعرض في المتحف الملحق بالسفارة للتاكيد علي هويتها المصرية ( انظر مقال دور المتحف فيالصناعة الثقافية )
يعتبر تمهيد للانطلاق نحو عقد اتفاقيات ثنائية تعالج بعض مشاكل الاثبات الخاصة بملكية التراث علي المستوي الدولي .