كاسل الحضارة والتراث Written by  أيلول 04, 2022 - 284 Views

تحليل الوضع القانوني لخروج حجر رشيد من مصر ومدي أحقية مصر في استرداده

Rate this item
(0 votes)

بقلم دكتور / محمد عطية محمد هواش

مدرس بقسم الترميم – كلية الآثار – جامعة القاهرة

باحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص

  عناصر المقال

  • مقدمة
  • تبعية مصر سياسيا واثر ذلك علي سياستها الخارجية
  • الظروف السياسية التي صاحبت خروج حجر رشيد الي انجلترا
  • اتفاقيات الخلافة فيينا 1978 وفيينا 1983 ومدي انطباقها علي الحالة موضوع المقال
  • الخلاصة 

مقدمة

إن خروج الاثار المصرية من مصر سيل يتدفق الي اللحظة الراهنة ويتمني كل مصري ان يتوقف هذا السيل وتنضب العين التي تمده , وخروج اثارنا تمت وتتم بفرضين لا ثالث لهما اولهما الخروج المشروع كما هو معروف والتي كانت بقانون القسمة مع البعثات الاجنبية او الاهداء او البيع الذي كفلته القوانين ماقبل قانون 117 لسنة 1983 وثاني فروض خروج الاثار المصرية هو الخروخ بالمخالفة للقانون تهريبا نتاج الحفر خلسة او سرقة المخازن والمتاحف ومقتنيات اصحاب الحيازة , اما بشأن موضوع مقالنا الراهن فانها حالة ربما تكررت دون وجود احصاء لدينا اي لدي الدولة المصرية لانها كانت تعتبر حالات فردية نادرة التكرار حيث ان خروج الحجر ( حجر رشيد ) كان احد مكتسبات الانجليز اثناء اجلاء الفرنسيين عن مصر 1801 وبالتالي فكرة خروج حجر رشيد تخرج عن الفرضين اللذان يحكمان فكرة خروج الاثار ويحمل طابعا خاصا يجب تفنيده لمعرفة الوضع القانوني لخروج مثل هذا الاثر الفريد وبالتبعيه معرفة مدي امكانية المطالبة به واسترداده. 

تبعية مصر سياسيا واثر ذلك علي سياستها الخارجية

مصر كانت تابعة للخلافة العثمانية منذ 1517 حتي 1799 بدخول المستعمر الفرنسي وانقطعت تلك التبعية لمدة 3 سنوات عادت بعدها مصر الي الخلافة العثمانية منذ 1801 حتي 1914 وهو تاريخ اعلان الانتداب البريطاني والذي استمر لسنة 1922 وبعد هذا التاريخ تعتبر مصر بلدا مستقلا له ادارة اموره علي الساحة الدولية علي الاقل من حيث الشكل الظاهر. وهنا يتضح ان فترة خروج حجر رشيد كانت مصر تحت الاستعمار الفرنسي . وفي كل الاحوال لم تكن مصر تمثل نفسها علي مستوي السياسة الدولية الا بعد عام 1922 .  

الظروف السياسية التي صاحبت خروج حجر رشيد الي انجلترا

اتفاق العريش

  اتفاق العريش  ( 24 يناير 1800 ) بين الفرنسيين والعثمانين   وهي اتفاقية اخلاء مصر من الفرنسيين   من كتاب الحملة الفرنسية وخروج الفرنسيين من مصر لمؤلفه دكتور محمد فؤاد شكري  , حيث نصت   المادة 9علي الاتي " ترجيع الاموال والاملاك المتعلقة بسكان البلاد والرعايا من الفريقين ام دفع مبالغ اثمانها لاصحابها , الي اخر المادة   وكانت شروط اتفاق العريش ستة عشر شرطا يخدم موضوع مقالنا المادة 9 سابقة الذكر الا ان اتفاق العريش تم نقضه بسبب الانجليز الذين اصروا علي خروج الفرنسيين كأسري حرب وتسليم انفسهم واسلحتهم.

وذكر كريستوفر هيرولد في كتابه بونابرت في مصر  صـــ 400 " كانت الشروط التي حصل عليها الجنرال مينو اثناء اجلاء القوات الفرنسية عن مصر هي نفسها الشروط التي حصل عليها كليبير في العريش قبل تسعة عشرا شهرا والتي وصفها مينو سابقا بأنها شروط مخزية"

اما بشأن حجر رشيد فقد ذكر هيرولد ان الجنرال هتشنسن قد اصر علي اخذ حجر رشيد فتخلي عنه مينو علي كره وكتب له يقول " انك تريده ياسيدي الجنرال , ففي وسعك ان تأخذه ما دمت اقوانا . ولك ان تنقله متي شئت."

يتضح من السرد السابق ان التنازل عن حجر رشيد كان بإصرار من الجانب الانجليزي بعد حصار الاسكندرية ودمياط تفاوض الانجليز والفرنسيين علي شرط التسليم في 30 اغسطس 1801 وهنا يجب الاشارة الي بعض الظروف التي صاحبت هذا الاتفاق

واهمها ان انجلترا وروسيا والخلافة العثمانية كانت جميعها في حلف واحد لمنع توسعات بونابرت في اوربا .

وايضا اصرار انجلترا علي تسليم الجيش الفرنسي كأسري حرب حتي لا يحارب الجيش الخارج من مصر في الحرب الدائرة في اوربا لكن في النهاية كان الاتفاق علي الخروج من مصر للجيش الفرنسي علي سفن انجليزية وعدة سفن اخري تدبرها الخلافة العثمانية مع تقليص عدد مدافع الجيش الفرنسي الي عدد قليل جدا حتي لا يستطيع الجيش المغادر الاشتراك في الحرب الدائرة باوربا

ونظرا للحلف القائم بين الخلافة العثمانية وانجلترا في هذا الوقت يعتبر اصرار انجلترا علي اخذ حجر رشيد من الفرنسيين امرا مقبولا من قبل الخلافة العثمانية التي تعتبر مصر احدي اقاليمها وبالتالي تعتبر الخلافة العثمانية أعطت الاذن الضمني بالموافقة علي أخذ الاسلاب والغنائم المتحصلة من الجيش الفرنسي المغادر لحساب الانجليز .

اتفاقيات الخلافة فيينا 1978 وفيينا 1983 ومدي انطباقها علي الحالة موضوع المقال

اتفاقية فيينا بشأن خلافة الدول فيما يتعلق ب أملاك الدولة والمحفوظات والديون1983

ورد في ديباجة الاتفاقية تلك المباديء

  أن مبادئ الموافقة الحرة وحسن النية والعقد شريعة المتعاقدين هي مبادئ عالمية معروفة

مادة 2 تناولت شرح مفاهيم الخلافة بين الدول وهي كالتالي

(أ) "خلافة الدول" تعني استبدال دولة بأخرى في المسؤولية عن

العلاقات الدولية للأراضي

(ب) "الدولة السلف" تعني الدولة التي حلت محلها دولة أخرى  

(ج) "الدولة الخلف" تعني الدولة التي حلت محل دولة أخرى  

(د) "تاريخ خلافة الدول" يعني التاريخ الذي حلت فيه الدولة الخلف محل

الدولة السلف في المسؤولية عن العلاقات الدولية للإقليم الذي خلافة الدول تتعلق به

تناولت المادة 12 عدم وجود أثر لخلافة الدول على ممتلكات دولة ثالثة

بحيث لا يجوز لخلافة الدول أن تؤثر على الممتلكات والحقوق والمصالح التي في أراضي الدولة السلف والتي كانت في ذلك التاريخ مملوكة لدولة ثالثة وفقًا للقانون الداخلي للدولة السلف.

وهذه المادة يفهم منها ان خلافة دولة مثل مصر للامبراطورية العثمانية لن يؤثر علي الحق الذي اكتسبته انجلترا بموافقة العثمانيين بشأن اخذ انجلترا لحجر رشيد من الفرنسيين خاصة ان ذلك قد وافق مبدأ الموافقة الحرة من قبل العثمانيين الذين كانو في حلف مع الانجليز حينها وهذا المبدأ نصت عليه ديباجة الاتفاقية كما سبق الاشارة وبذلك يكون  موقف الانجليز في حيازتهم لحجر رشيد سليم من الناحية القانونية .

اتفاقية فيينا بشأن خلافة الدول في المعاهدات1978

ذكرت ديباجة الاتفاقية ان قواعد القانون الدولي العرفي ستظل تحكم المسائل التي لا التي تنظمها أحكام هذه الاتفاقية .

وهنا اذا ما اقررنا بأن حجر رشيد كان احد غنائم الحرب التي اكتسبها الانجليز فطبقا للعرف الدولي فهي من حق الانجليز خاصة مع موافقة العثمانيين الذين كان لهم الحق في الاعتراض او اخذ حجر رشيد من الفرنسيين لكن هنا يجب الاشارة الي فروق النظرة للتراث من قبل العثمانيين والانجليز حيث كان يعلم الانجليز تماما بقيمة حجررشيد عكس العثمانيين .

تناولت المادة 34 خلافة الدول في حالات انفصال أجزاء من الدولة

 عندما ينفصل جزء أو أجزاء من إقليم دولة ما لتشكيل دولة واحدة أو أكثر ، سواء استمرت أو لم تستمر الدولة السلف في الوجود:

فإن (أ) أي معاهدة سارية في ما يتعلق بكامل أراضي الدولة السلف في مواجهة كل دولة خلف تشكلت على هذا النحو.

وهذا يعتبر تاكيدا علي سريان اتفاق جلاء الفرنسيين عن مصر بكامل تبعاته في مواجهة الخلافة العثمانية اولا ثم دولة الخلف وهي مصر ثانيا .

الخلاصة

يجب ان نفرق بين حالتين عند الحديث عن خلافة الدول اثناء تطبيق الاتفاقيات الدولية

الفرض الاول

هو ان هناك نوع من الاتفاقيات التي يستمر سريانها وتطبيقها منذ عهد الدولة السلف ووصولا لعهد الدولة الخلف مثل بعض الاتفاقيات الاقتصادية . وهذا الفرض ربما في بعض الاحيان تنطبق معه نظرية الصفحة البيضاء

الفرض الثاني

 هو نوع الاتفاقيات التي تم تنفيذها في حين ابرامها وانتهاء اثارها  ومن هذه النوعية مثلا اتفاق اغسطس 1801 لجلاء الفرنسين عن مصر. وهذا الفرض لايمكن بأي حال ان ينطبق عليه نظرية الصفحة البيضاء

وطبقا لاتفاقيات فيينا للخلافة 1978 , 1983 فان كلا النوعين من الاتفاقيات السابق الاشارة اليها تحكمها فكرة الخلافة وذلك ضمانا لاستقرار الاوضاع علي المستوي الدولي وايضا تطبيق مبدأ الصحيفة البيضاء للدول الخلف وهو مبدأ مفاده ان الدولة الخلف لا تلتزم بما اتفقت عليه الدولة السلف , هذا المبدأ واقعيا لا يمكن تطبيقه الا في حدود ضيقة جدا جدا ويكون مع الدول المستقلة حديثا فقط .

وبالتالي فإن موقف انجلترا من حيازتها وامتلاكها لحجر رشيد هو موقف سليم قانونا وعرفا علي المستوي الدولي .  وان كان هناك سبيل لاسترداد حجر رشيد لن يكون بالطرق القانونية كدعوي الاسترداد بل يمكن ان يكون بالطرق الدبلوماسية حينما تكون الظروف الدولية ملائمة لذلك .

ولكن يجب ان نستفيد من هذا الوضع الذي لا يد لمصر في احداثه بل هو الارث التاريخي الناتج عن خلافة مصر للدولة العثمانيه واوجه الاستفادة تكون علي النحو التالي

  • مراجعة كافة الاتفاقيات التي ابرمتها الخلافة العثمانية ولها تاثير علي مصر
  • مراجعة كافة الاتفاقيات التي ابرمتها بريطانيا اثناء فترة الانتداب وتمثيل مصر علي المستوي الدولي
  • يجب عند التوقيع علي اي تعديل مستقبلي او التوقيع علي اي شكل من اشكال معاهدات الخلافة ان يكون هناك تحفظا بشأن التراث وان كان هذا مكفولا ببعض الاتفاقيات مثل لاهاي 1954.

من نحن

  • مجلة كاسل الحضارة والتراث معنية بالآثار والحضارة وعلوم الآثار والسياحة على المستوى المحلى والإقليمى والدولى ونشر الأبحاث المتخصصة الأكاديمية فى المجالات السابقة
  • 00201004734646 / 0020236868399
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.