بقلم / رحاب فاروق

  فـنــانـة تشكـيـليـة  

أُستخدمت أنفاقها كملاجيء من الغارات الجوية هربًا من القنابل الألمانية.. أثناء الحرب العالمية ، فكانت تستوعب أكثر من 1800 شخص للحماية داخل جدرانها ؛ وحديثًا عُثرَ علي مهاجع تحتوي علي أسرة بطابقين ومطابخ ودورات مياه وغرف إسعافات أولية مُخبأة داخل الجدران .. والأجمل أن أُلحق بالخنادق حاليا سماعات خفية.. تجعل الزائر يعيش نفس جو الحرب وسماع أصوات القنابل والمستغيثين .. فجعلوا الخنادق معرضًا حيًا بالمشاهد و الصوت وتري بعينك معرضًا لملابس جميع القادة و أيضًا ملابس أعدائهم..

والأجمل.. هناك خيار للقيام بجولة أشباح في الليل ،  والإنتقال من غرفة لأخري علي أضواء الشموع ،  والاستماع لأحداث بشعة وقعت بالماضي وسماع صرخات من يُعذبوا ، ورؤية العديد من الأشباح .

بُنِيَت بأواخر القرن الـ11 من قبل الغزاة النورمان بقمة أعلي حصن روماني ، عمرها أكثر من 2000 عام وشكلت قلب مدينة القرون الوسطي .. وهي اليوم جنة علي الأرض .. من نقوش رخامية وأسقف خشبية مذهبة وحدائق غناءة .. بمساحات واسعة ذات مناظر طبيعية حتي بخارج سورها الخارجي .. مُرحبة بإستقبال الأطفال لينعموا بالمرح ؛ تكلفة دخول القلعة تعادل 16دولارًا معها خريطة ، ولو أحببت دخول ورؤية الغرف الداخلية بمحتواها ستزيدهم خمس دولارات ؛

ويفضل زائرو كارديڤ ركوب الحافلات .. فعبر النافذة الكبيرة يرون جنة مصغرة .. فالطرق تمر وسط طبيعة خلابة .. يرون اللون الأخضر بجميع درجاته وتتوسطه البحيرات ، حتي البريطانيون نفسهم لا يجدون مثيلًا لهذه المناظر بمدنهم المتحضرة . 

فـالماضي كانت جزء من نظام المواقع الحدودية ،  من فيلق في( كيريليون) أسسها الجنرال الروماني (يوليوس فرونتينوس) بعد احتلاله جنوب ويلز ؛  وتعتبر ويلز موطنا لعدد من القلاع الجميلة ،  وكارديڤ فخر صناعة العصور الوسطي والتراث الويلزي .. فهي مزيج فريد من الأساليب المعمارية ؛ يوجد قطار خاص داخل كارديڤ يسير بطرق معينة ليسمح للزوار بمشاهدة جمال المدينة .

وفـالقرن الـ 12 أُعيد بنائها بالحجر و إضافة قذائف و جدران دفاعية كبيرة ، وتم ترميمها وتحديثها في عصر الملكة ڤيكتوريا .. ولاتزال محافظة علي تصميمها النورماني والڤيكتوري الداخلي .

شاركت قلعة كارديڤ مرارًا وتكرارًا في النزاعات بين الأنجلو نورمان و الويلز ،  حيث تعرضت للهجوم عدة مرات فالقرن الثاني عشر ،  وأُقتحمت عام 1404 ، ونجت من الدمار بعد الحرب وتمت حمايتها من أي غزو اسكتلندي محتمل .

بعد وفاة ماركس الرابع ،  قررت الأسرة إعطاء القلعة والحدائق المحيطة بها إلي مدينة كارديڤ .. وهي عاصمة مقاطعة ويلز ؛ وعلي مدي 25 عامًا .. كانت القلعة موطنًا للكلية الوطنية للموسيقي والدراما ، ومنذ عام 1974 أصبحت واحدة من أكثر الأماكن شعبية ومقصدًا للسائحيـــــن .

"غـرفة العـرب".. هي الجوهرة بتــــــــــاج قلعة كارديـــــڤ ، هي غرفة عتيــــــــقة ، ذات أسقف خشبية مغطاة بأوراق الذهب وتأثيرات الشرق الأوسط ..

ومع أن التصميم الداخلي للقلعة قوطي فخم ومصمم بشكل معقد ..إلا أن غرفته العربية الشهيـــرة علي مستوً آخر من من الجمال بفضل التفاصيل التصميم وأوراق الذهب المطلية يدويًا .. والتي تبلغ قيمتها 8 مليون جنيه إسترليني

صممها المهندس المعماري القوطي

(Wiliam Burges)  

عام 1880م ، استوحي تصميمها من رحلاته لمختلف زوايا الكرة الأرضية ،  وتقع في جزء برج هربرت بجناح يعود للقرن السادس عشر ، كانت فالبدء غرفة للرسم للنساء ، فحقق رؤية بالسقف خيالية ،  وخاصة في علو السقف وإرتفاعه .. فقد طعن بورجس في طابقيين علويين لتخرج بهذا الشكل من الرهبة والروعة ،  جعلها تشبه قرص العسل بتركيباته وتشابكه ، يلفت انتباهك السقف لأول وهلة .. ولكن أيضًا تحتوي الغرفة علي منحوتات رائعة وكرانيش ونوافذ بمشربيات تحاكي البيوت العربية وحليات بديعة والوان زاهية للبلاط والرخام .. بها حائط لتماثيل لحيوانات حجرية .. تتسلق كل منها وتخرج للجدار الخارجي وتطفو عليه.. وكانت تحتوي علي طاووس حي يتجول في أراضيها .

بـالقلعة توجد مكتبة عريقة ، كانت بقديم الزمن "المدرسة" التي يلتحق بها الأطفال قاطني القلعة ،  لتعليمهم كل شيء .. وكل ثقافة ، فكان يتم تعليمهم لغتين .. الفرنسية والإنجليزية ؛  الحيـــن هي مكتبة .. ولكن قديمًا كانت غرفة احتضـان الصغار التعليمية .

وبالرغم أن بورجس توفي قبل إنهاء الغرفة .. إلا أن رسوماته الدقيقة التي تركها .. جعلت مساعده يُكمل ما بدأه . 

قلعة كارديڤ هي أرض الترحيب دومًا لفريق كرة القدم الويلزية ،  وبعد نجاحهم في بطولة كأس الأمم الأوروبية لعام 2016 وبلوغهم الدور النصف النهائي أمام البرتغال .. أتي اللاعبون وقتها للقلعة ،  وانتظرهم آلاف المشجعين للإحتفال معهم ،  والتقاط الصور لهم من الأبراج الشهيرة بها قبل خروجهم من بواباتها العملاقة .

 بـكأس العالم للرجبي 2015م  تم منح كارديڤ تكريمًا للبطولة ، فوضع 25 شخصًا تصميم وتركيب كـرة رجبي عمـــلاقة بالجدار الخارجي للقلعة ،  وأُحيطت بالطوب الرغوي الذي بدا وكأنه ينفجر من الجدار فعلا وتخرج منه الكرة .. الفكرة و العمل وإن دلت .. لن تدل إلا وعلي حب الرياضة في ويلز .

ولأن حدائق القلعة الواسعة تستوعب مايقرب من 10.000شخص ، و ومن يجلس بها يتمتع بإطلالة فريدة وخلابة .. فهي مزيج لتصميمات معاصرة من الداخل و جدران رومانية من القرون الوسطي وأجزاء من عصر النهضة الڤكتورية القوطية ؛  فتجدها تستضيف الحفلات الموسيقية ، لسماع نخبة مختارة من أغاني تقليدية ومعاصرة باللغتين الإنجليزية و الويلزية ،  وعروض حية  لأفلام كلاسيكية ،  وبها تُقام الولائم الضخمة والحفلات التي يبحث أصحابها  عن روح التاريخ