كاسل الحضارة والتراث Written by  تموز 23, 2022 - 364 Views

قرية النجاشى بإثيوبيا شاهد على التسامح الدينى

Rate this item
(0 votes)

   بقلم د. سهام عبد الباقى محمد

بدأ الوجود الإسلامى فى الحبشة بكلمة أطلقها النبى محمد صلى الله علية وسلّم لإصحابة « إذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملك لا يٌظلم عنده أحد» فإنطلق وفد المٌسلمين البالغ قرابة ثلاثة وثمانين صحابيًا ،وتسعة عشر صحابية. واستقروا على ربوة تقع شمالي «مقلي» عاصمة إقليم «تجراي» إثيوبيا حاليًا فى العام الخامس من البعثة الموافق 615 ميلادية ومَثَلوا بين يدى "النجاشى"، وهى كلمة إفريقية تٌطلق على الملك وتعنى ملك الملوك، وهو«أصحمة بن أبجر»، وعندما أَمّن النجاشى المسلمين على أرواحهم وحرياتهم ومعتقداتهم الدينية عاشوا بأرض الحبشة فى إندماج وطنى كبير مع  أهله وتمتعوا بحرية دينية كبيرة بعد ما عاشوه من تنكيل وإضطهاد دينى فى مكة. وقد عاشوا وماتوا فى البقعة التى يٌطلق عليها اليوم "قرية النجاشى" وهى قرية عريقة نسبت بإسم صاحبها. والتى تٌعتبر أشهر مزار دينى إسلامى فى إثيوبيا وشرق إفريقيا وهى أول بقعة فى إفريقيا دخل فيها الإسلام فى شكل لجوء سياسى. وقد حظيت تلك البقعة بتبجيل وتقديس عظيمين لوجود أضرحة صحابة النبى محمد صلى الله علية وسلم بها لذا إرتبطت بها إحتفالات المسلمين فى المواسم، والاعياد الدينية ويٌمثل المسلمون في إقليم تجراي حيث تقع " قرية النجاشى"  15% من إجمالي سكان الإقليم. ويقصد آلاف المسلمين سنويا مسجد النجاشي،الذي بٌني على أول أرض عرفت الإسلام بأفريقيا، للصلاة والعبادة وخصوصاً في شهر رمضان المبارك، حيت تٌقدم الصدقات للفقراء والمساكين الذين يفترشون أرض مسجد النجاشي الذى يعد  من أهم المزارات الدينية وتوجد مئذنته فى مدخل القرية وإلى جانبها توجد القبة الخضراء التى تحوى ضريح الملك النجاشى المٌتوفَى فى السنة التاسعة ه، والخالد الذكر بسيرته العطرة ومواقفة الإنسانية وعدله. ومن مظاهر التشريف والتكريم له  رضى الله عنه أن كشف الله للنبى صلى الله عليه وسلم أرض الحبشة حتى رأى نعش "النجاشى" فصلى عليه مع الصحابة وكبروا أربع تكبيرات وإستغفر له. وإلى جانب ضريح النجاشى يوجد خمسة عشر ضريح من صحابة الرسول، بينهم عشر من الرجال وهم«عدي بن نضل العدوي القرشي الذى مات قبل النجاشى،وتولى النجاشى دفنه، والمٌطّلب بن أزهر، وٌسفيان بن مٌعمّر،وعٌروة بن عبد العٌزى وحاطب بن الحارث ،وخمسة من النساء من بينهن "فاطمة بنت صفوان، وعائشة بنت خالد، وهرمة بنت عبدالأسود". وعلى مسافة قريبة من المسجد توجد كنيسة صغيرة تسمى كنيسة "مريام" يوجد بها قبر زوجة النجاشى.ويوجد بالقرية بئر حفرها المهاجرون المسلمون، يٌطلق عليها الأهالي "ماء زمزم" يتبركون بها ويتداون بمائها. كما تشهد قرية النجاشى سنويا موكب الحج إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج حيث يتجمع  موكب الحجيج فى القرية سنويًا للانطلاق صوب بيت الله الحرام  فيما يشبه موكب المحمل الذى كان يخرج سنويا من مصر حاملا كسوة الكعبة المشرفة وحجاج بيت الله الحرام.وتحيط بقرية النجاشى عدة قرى أخرى يسكنها أحفاد بعض الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة واستقروا هناك. وخلف مزار مسجد النجاشى توجد مقبرة إسلامية لعدد كبير من الأئمة والمشايخ وحفظة القرآن الكريم. لذا ظلت قرية النجاشى بما قدمته من مٌناصرة ودعم وإيواء للمسلمين الأوائل بقعة طيبة مباركه طيلة أربعة عشر قرنا من الزمان. يحكى عنها الاجيال جيل بعد جيل تذكرهم بالتضحيات التى بذلها الرعيل الأول من المسلمين فى سبيل الدعوة ،وكيف ضربت أرض الحبشة أروع أمثلة التعايش السلمى بين الأقلية المسلمة، والأكثرية المسيحية ليستخلص المسلمون من أجدادهم دروس الصبر والتحدى وحسن التعايش وسط ما يشهده هذا الإقليم  اليوم من تعدد لغوى،وإثنى، ودينى، وإضطراب سياسى.

من نحن

  • مجلة كاسل الحضارة والتراث معنية بالآثار والحضارة وعلوم الآثار والسياحة على المستوى المحلى والإقليمى والدولى ونشر الأبحاث المتخصصة الأكاديمية فى المجالات السابقة
  • 00201004734646 / 0020236868399
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.