كتبت : تقى عبدالله ـ ليسانس آداب قسم تاريخ
*شعب المايا:
يرجع أصل شعب المايا إلي "بلاد جواتيمالا" و "جنوب هندوراس" في "أمريكا الوسطى". لقد كان شعب المايا متقدماً بدرجة كبيرة، وكذلك شعب رحال بشكل كبير.
تصور لشكل تزيُن شعب المايا قديماً
أقام شعب المايا مدناً بلغت درجة كبيرة من الازدهار مثل مدينة (بالينكيو كوبان)؛ والتي برغم ازدهارها إلا انهم قد تركوها وهاجروا الى (شبه جزيرة يوكاتان) وذلك في "القرن السادس".
اتخذ شعب المايا من مدينة (تشيتشن إيتزا) مركزاً ثقافياً وديناً نشروا منه حضارتهم في كل شبه الجزيرة. ولكنهم قد تخلوا عنها في "القرن السابع" لأسباب مجهولة.
ليعودوا مرة أخرى في القرنين "الحادي عشر" و"الثاني عشر" ليهجروها تماماً في القرن "الخامس عشر" بعد أن أصبحت في أعلى مراحل تطورها العمراني. وقد كانت مدينة كبيرة تتسع لألاف السكان، شوارعها عريضة، تحفها الأشجار، بها المعابد الضخمة للآلهة؛ والقصور الجميلة المزينة.
بقايا المدن والمعابد في حضارة المايا قديماً
*الدين في حضارة المايا قديماً:
عرف شعب المايا "الازدواجية الدينية"؛ والتي تتمثل في (الصراع بين الخير والشر). وهو ما يتشابه مع الديانة المصرية القديمة.
كان الحيوان المقدس في حضارة المايا هو "الثعبان". والذي ظهر بكثرة في الرسوم التي تزين جدران المعابد.
كان أكبر هذه المعابد هو معبد مدينة (تشيتشن إيتزا)؛ والذي لاتزال اثاره باقية لليوم. فقد كان يوجد في جهته الشمالية (ينبوع) كان مهماً في طقوس احتفالاتهم الدينية.
معبد (تشيشتن إيتزا)
وكان الاله الأكبر مكانة لديهم هو "اله المطر"؛ وذلك بحكم انهم مجتمع "زراعي".
وفي احدى احتفالاتهم الدينية والذي كان يحضره مندوبون من كل القرى والمدن سنوياً، كان يختار الكهنة أجمل فتاة في القرية بعد تهافت من فتيات القرية لنيل هذا الشرف؛ ليلقوا بها في الماء كقربان لهذا الإله.
تجسيد لاحد الآلهة على جدران المعبد
*الثقافة والعمران في حضارة المايا :
1- العمران:
لقد ذكرنا قبلاً أن حضارة المايا كانت بالفعل تتمتع بمدن متقدمة ومزدهرة بالعمران الراقي. كمدينة (بالينكيو كوبان).
ففي عام 1524م؛ كان الفاتح الكبير "فرنان كورتيز" يتقدم لأراضي جنوب "هندوراس"؛ فوجد خرائب مفككة لما كان قديماً موقع لهذه المدينة الرائعة.
كانت الشوارع بها مبلطة "بالحجر" و"الاسمنت الأبيض" المصنوع من "الكلس" و"مسحوق الحجارة". كان بها نظام واسع للري مكون من "أقنية مغطاه" تحت الأرض من الحجر والاسمنت كذلك.
كذلك كانت تزخر المدينة بالقصور المزينة بالأوان الصارخة، وكذلك المعبد بها والذي هو "اول بناء في عام في أمريكا". وكانت جدرانه الخارجية مغطاه بوجوه خرافية و يلفها إفريز معقد مزخرف بنحت لريش الطيور.
وفي (الجناح الشمالي) من البناء المركزي للمدينة يوجد "هرم كبير" يرتفع في جنوبه أمام الميدان "بسلم" جميل يقود لداخل المعبد من الميدان بعلو "تسعين متر".
هذه هي "بالينكيو كوبان" والتي لا تختلف عن باقي المدن في هذه الحضارة العريقة في الرقي.
2-الثقافة والعلوم:
شعب المايا هو شعب متقدم بالفعل وعلى درجة كبيرة من الحضارة والتنظيم. فقد عرف شعب المايا "علم الفلك"؛ وأقاموا "مرصداً فلكياً" كانت نتائجه على درجة كبيرة من الدقة. مكنهم من معرفة حركة النجوم. كذلك فقد برعوا في دراسة "الرياضات"
نتيجة لذلك فقد وضعوا "تقويم فلكي" يفوق ما وضعته باقي الشعوب بنفس المستوي الحضاري. بل يمكننا ان نقارنه بـ "التقويم الغريغوري الغربي".
لقد عرف شعب المايا نوع من "الكتابة" سجلوا بها تاريخهم ومعرفتهم. ولكن لم يصل إلينا من هذه الكتابات سوا (ثلاث مخطوطات) فقط؛ مما صعب على العلماء فك رموز هذه الكتابة. إلا أن لغتهم المحلية لاتزال موجودة حتى الان، بل هي أكثر اللغات المحلية انتشاراً في "أمريكا الوسطى". ولكنها فقدت الكثير من مصطلحاتها الأصلية القديمة؛ وذلك بسبب الكلمات والأفعال التي دخلت عليها من اللغة "الاسبانية" عند حدوث "الاحتلال الاسباني".
توضيح لشكل من أشكال الكتابة في حضارة المايا
*التاريخ السياسي للمايا:
*مرت المايا بعدة مراحل سياسية منها:
1-المرحلة الكلاسيكية:
امتدت هذه المرحلة من القرن "الثالث" وحتي القرن "العاشر" الميلاديين. خلال هذه المرحلة أسس شعب المايا مدنهم الكبرى وحققوا إنجازات متميزة في "الآداب" و"العلوم". وقد شيدوا (النصب التذكارية) لتخليد هذه الإنجازات.
ولكن سقوط الملك "ثيوثوا" الذي حدث في القرن "السابع" أثر على البلاد، فلقد أوقفوا تشييد (النصب التذكارية) وكذلك بناء المدن.
ولكن عادت الحياة مرة أخرى لحضارة المايا واستمر تطورها لمدة "ثلاث قرون". ومع بداية القرن "التاسع" بدأوا يشيدوا (النصب التذكارية) في كل المدن. كما تخلوا من مراكزهم الرئيسية في "الأراضي المنخفضة الجنوبية"، إلى ان غادروا المنطقة ككل في النهاية لأسباب مجهولة؛ يعتقد بعض العلماء انه بسبب المرض وخوفاً من وباء "الحمى الصفراء" الذي ضرب المنطقة. أو ربما بسبب تلف المزروعات هناك، ولكن بعض المؤرخين يروا ان "المزارعين" قد ثاروا على "حكومة الرؤساء" و"الكهنة" لسبباً ما مما ادي الى انهيار المدينة في تلك الحقبة.
2-المرحلة المكسيكية:
بعد ذلك بقى شعب المايا في "شبه جزيرة يوكاتان" لمدة "قرن" من الزمان، ولكن في "منتصف القرن العاشر" غزا شعب "التُولتيك" أراضي "يوكاتان". وأسسوا لهم إمبراطورية، وحكموا شعب المايا؛ وأثروا على الفن والهندسة الخاصين بهم.
إلى أن انهارت إمبراطوريتهم في "منتصف القرن الثاني عشر" وأنتهى حكم "التُولتيك" في القرن "الثالث عشر".
عقب ذلك شيد مجموعة من (زعماء المايا) عاصمة لهم في "مايابان" وأعادوا بناء ثقافتهم من جديد. غلبت "التجارة" على "المعتقدات الدينية" وأصبح الناس يديرون التجارة بحرية، وأبحت مدن المايا مراكز تجارية مزدهرة.
ثار بعض زعماء المايا على حكام "مايابان" وهزموهم في حوالى 1440م. فتقسمت "يوكاتان" الي (ولايتين).
*كيف انتهت حضارة المايا:
بدأ "الغزو الاسباني" لبلاد المايا في بداية القرن "السادس عشر". توجه القائد الاسباني "كوتيز" أو "كورتس" إلى "هندوراس". وقد ظل في أدغال غاباتها لمدة (سنتين وثلاثة شهور). مر خلالها بظروف رهيبة من حروب متواصلة مع شعوب الأراضي الأصلين. والذين كان قد أطلق عليهم "كولومبس" عند وصوله الأول لأراضي القارة الأمريكية خطأً "الهنود الحمر". وذلك بسبب اعتقاده انه قد وصل لأراضي الهند، وعند محاربة سكان الأراضي كانوا يدهنوا أجسادهم بصبغة حمراء. لذلك سموا بذلك الاسم.
ظلت الحروب الضروس بين الغزاة والسكان الاصلين، ولكن بفضل التطور الاسباني في الأسلحة، والتفكك فيما بين شعوب تلك الأراضي؛ كان النصر حليف الأسبان.
هكذا وبحلول "منتصف القرن السادس عشر" تقريبا كان الاسبان قد قضوا على ما تبقي من حضارة المايا.
القائد الاسباني "كورتز" أو "كورتس"
*المصادر المستخدمة:
* أمريكا اللاتينية الثقافات القديمة ما قبل الكولومبية، لاوريت سيجولاته، ت: صالح علماني.
* الحضارات الهندية في أمريكا، ب.راوين، ت: يوسف شلب الشام.
* الحضارات القديمة في أمريكا اللاتينية، عمار محمد النهار.
* تاريخ أمريكا اللاتينية، إسحاق عزيز فريج.